لـــفــحــات أشـــجــان ونــفــحــات أحــزان
الأربعاء نوفمبر 07, 2007 9:13 am
( لفحات أشجان ونفحات أحزان )
أخي أبو القعقاع :
إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على فراقك يا أبا القعقاع لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
أخي الغالي : ما كان يدور في خلدي ولم يخطر على بالي في يوم من الأيام ، أنني سأمسك بقلمي الراعش لأخط كليمات في نعيك وأتحدث عنك لأرثيك . . ولكن القدر والقضاء إذا نزل فما للقلوب المفجوعة الثكلى إلا التسليم المطلق والرضا الكامل بما يقدر الله ويفعل ، ولكن . . أي بيان مهما عظم قادر على أن يوفيك حقك أيها المجاهد الشهيد ، وأي كلام وأي قلم يقوى على أن ينطق بما يعتمل في الصدور ويختلج في القلوب ، وشهد الله أن الخبر المحموم الفاجع حينما قرع آذاننا كادت قلوبنا أن تنفلق وأفئدتنا أن تتمزق وكأن صاعقة نزلت علينا من السماء ، وكاد صوابنا ان يطير من هول الصدمة وكبر الكارثة وفداحة الفاجعة . . لولا تمسكنا بحبل الله المتين واستعصامنا بإيماننا .
وفجأة تقفز إلى أذهاننا أن الصهيونية الآثمة وأمريكا بصليبيتها الحاقدة لم يقر لهما قرار إلا إذا ذاق أبو القعقاع وأحبابه ومن هم على طريقه . . الموت الزؤام ، لأنه لم يكن شوكة في عيونهما فحسب ، وإنما كان سهما مدميا في قلوبهما .
أخي الحبيب د. محمود : لا أدري عن أي شيء أتحدث من حياتك ، أنت الشاب الذي يحمل بين جنبيه نفسا جبارة وروحا عالية لا تعرف الا معاني الجد حتى في أوقات الراحة . . . لا يزال دعاؤك الخالد الذي كنت دائما تردده صادقا ، يرن في أذني وفي آذان الزمان ( اللهم ارزقنا شهادة تراق فيها الدماء وتمزق فيها الأشلاء . . اللهم ارزقنا الشهادة في سبيل دينك وإعلاء كلمتك ) وها هو دعائك قد استجاب وسؤالك قد تحقق وها أنت في سلسلة الشهداء الأبرار الخالدين .... وتلك القصيدة التي كنت ترددها دائما ( أطلق رصاصك إنني لن أركعَ ... وأرق دمائي إنني لن أخضع . . سأظل في ساح النضال مجاهدا . . أبغي الشهادة واهبا متطوعا . . ) لكأنك كنت تشعر أنه بهذه الطريقة سيختم لك بالشهادة . . . . . و كنت تدعو الله ، وتقول : ( اللهم . . . إما رصاصة من يد محتل وإما رصاصة من يد غادرٍ تخترق هذا الصدر . . . شهادة في سبيلك . . . . )
أخي الغالي أبو القعقاع : لم تبق عين من العيون المؤمنة إلا أسبلت عليك الدموع قائلة :
تبكيك يا فلذة الأكباد أعيننا دما يسيل على الخالدين مدرارا
خلفت بعدك أكبادا مقرحة تبقـى على الحزن آمادا و آدهارا
ولم يبقى قلب ينبض بذكر الله إلا وذاق لوعة الحرقة واكتوى بنار المصيبة ، لم يبقى ثغر إلا وانطلق يلهج بذكرك الطيب ويتحدث عن خلالك الكريمة ويروي أخبارك العذبة حتى أولئك الذين يخالفونك في الرأي والفكر ، لم يبق مجلس من مجالس الخير إلا ونعاك وحزن عليك بحرقة و آسى . .
لقد بكيناك يا أخي . . بكينا فيك الإخلاص والصدق والكرم والوفاء والإيمان والتقوى والورع و العمل الدائب والتفكير الواعي والشجاعة في الحق . . . . . . إن كل هذه المعاني التي يكاد الإنسان المسلم في هذا الزمان ، يكون أحوج إليها من الطعام والماء . . بكيناها فيك ويحق لنا أن نقول فيك :
بموتك قد فقدنا اليوم عزا... وكنزا لا يحدد بالحساب
فقدنا اليوم شمسا قد أضاءت.. وعلما فيضه غر السحاب
وفهما ثاقبا ومدى بعيدا... ولبا دونه لب اللباب
وصدرا واسعا وتقى وفضلا... وعقلا دونه ثقل الهضاب
لقد خسرت بك الأشبال ليثا.... منيعا ساحه في كل غاب
لقد خسرت بك الأحلام طودا.. تطأطئ تحته شم الروابي
أخي المجاهد : لم تكن أول شهيد أريق دمه في سبيل الله . . فقافلة الشهداء لا تزال تجود بالأرواح ، والأنفس رخيصة في سبيل الله ، وإننا نعاهدك يا أخي . . نعاهد روحك الطيبة الطاهرة . . . أننا على دربك سائرون وبنهجك عاملون ، فلتقر عينك في جنان النعيم ، ولتعلم أن دماءك الزكية التي أريقت غدرا هناك . . ستبقى تشع لنا نورا ولدربنا الطويل فتكسبنا مزيدا من الثبات على الطريق . .
وهذه الأبيات الصادقة التي كنت ترددها وتشدو بها . . كلما سمعتها ظننت أنك كنت تتكلم عن نفسك . . . وتصف ما يدور في خاطرك . . . وها هي الآن تعبر عنك وعن كل من سار في درب الحق منذ أن بدأت مسيرة الدعوة الى الله . .
وتقول لي إن الحياة لغاية أسمى من التصفيق للطغيان *
أنفاسك الحرة وان هي أخمدت ستظل تغمر أفقهم بدخان
وقروم جسمك وهو تحت سياطهم قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الرباني
إن احتدام النار في جوف الثرى أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا أقوى من الجبروت والطغيان
أنا لست أدري هل ستذكر قصتي أم سوف يعدوها رحى النسيان
أو أنني سأكون في تاريخنا متآمرا أم هادم الأوثان
كل الذي أدريه أن تجرعي كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا غير الضياء لا متى لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطُت أحمل عزتي يغلى دم الأحرار في شرياني
.
.
.
لكن إذا انتصر الضياء ومُزقت بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي من كان في بلدي حليف هوان
والى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان
أخي : لقد كنت معلما تهدي السائرين في دروب الحياة . . لقد كنت الظلال الدافئة التي يرتاح إليها أحبابك . . لقد كنت نبراسا يضيء الطرق للغافلين ، لقد كنت مجاهدا بحق يرفع شعار الإيمان في ديار الضلال ولواء النور في بلاد الظلام . . . ولئن حاولت النفوس المظلمة والأرواح الحاقدة المنتنة أن تقضي على هذه المعالم وأن تطفئ هذا النور وتنشر الإشاعات الكاذبة وتتشمت بموتك . . خسئت وخابت لأن هذه الشعلة من النور تستمد نورها من نور رب الكون و ستبقى حيا بدعوتك وقضيتك التي كنت تنافح من أجلها وستبقى القافلة على الدرب تسير والكلاب تنبح بحقد دفين . . و إن يتهمك البعض بما يهوى ، ويطلق عليك الحكم الذي يريد ، تلك قضية تحمل بذور هدمها ، وشاهد صدق على ما أنت عليه . . هو الحق .. إنهم قرناء الشيطان . . . يعز عليهم أن ينتصر الحق ، وتعلوا رايته شامخة فوق الرايات التافهة . . فأخذوا يكيلون الاتهامات وهم يعلمون علم اليقين أنهم كاذبون .
إن أيديهم القذرة ، و نفوسهم الضعيفة التي حاولت طمس معالم الدعوة عن طريق الإساءة إلى الداعية الأول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم موجودة في كل زمان ومكان . . وكمااتهموه بأنه ساحر ومجنون وكاذب . . فإنه ما إن يظهر في الأمة داعية نشيط في مكان ما حتى يجتمع هؤلاء يفكرون ويقدرون ويبررون لأنفسهم بما يتهمون .
ولا يلبثوا أن يلفّقوا قضية ما ، ويتفننوا في إخراجها ، ويتناولها بعد ذلك الشياطين بالترويج والإشاعة . .
إلى هؤلاء المهازل نقول : موتوا بغيظكم . . فلن ينفعكم مكركم إلا كما نفع أبا جهل . . فما أغنى عنه ماله وما كسب . . .
وإن الله متم نور ولو كره الكافرون والمجرمون والظالمون . .
يا صاحب القلب الكبير ويا صاحب العقل المنير أيها البطل الصادق المخلص من ضمن طائفة المخلصين . . الذين يتحسسون قضايا أمتهم ومصيرها صباح مساء وكنت واحدا من تلك الثلة المؤمنة . .
لا أدري مرة ثانية عن أي شيء أتحدث وماذا أقول إن القلم عاجز وإن البيان قاصر عن الوفاء بحقك .
لقد غادرت يا أخي هذه الدنيا الفانية الزائلة التي لا يتعلق بها إلا ذوو النفوس الصغيرة المهزومة ، وكنت فوقها وفوق نعيمها الزائل وزخارفها الفانية ، وكم كنا نتمنى أن تلقن أولئك الناس الذين أعمتهم المادة و ارتكسوا في حمأتها في هذا المجتمع المادي المسعور أن السعادة ليست في جمع المال ولا في الانكباب على الدنيا والتعلق بها ولكن السعادة في التقوى الحقيقية والاستعلاء على زخارف الدنيا كما يقول الشاعر :
ولست أرى السعادة جمع..... مال ولكن التقي هو السعيد
لقد رحلت يا أخي عن هذه الدنيا وأنت مرفوع الرأس عالي الجبين لم تطأطئ راسك إلا للواحد القهار ولم تحن جبهتك إلا للعزيز الغفار ، لم تعرف الخوف أبداً . . لقد مت موت الفرسان الشجعان الأشاوس الذين لم يعرفوا معاني الذلة والهوان والصغار ، التي يرزح الناس تحت وطأتها ، والذين تخرجوا من مدرسة البطولة والفروسية . . مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبحق لقد تخرجت من مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أذكرتني حياتك وبَذلِكَ الغير محدود بالجيل الأول الذي تربى في مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لقد كنت شعلة من الإيمان الراسخ ونبراسا من التقوى الصادقة وطاقة هائلة من الحركة والعمل ومثلا أعلى في حب الآخرين ونكران الذات .
كان دائما لسان حاله يقول : وأحسب في حياتي كلها أن الله كان معي مع كثرة الذين يرومون بي السوء ، وما خيب الله لي أملا ولا رجاء ، وكنت أُضطهدُ في العهود السابقة ، فكلما اشتد الكرب علي جاءني الفرج من حيث لا أحتسب . .
آه . . وتســري في دموعي في دمي اســــياف آلام
أمضي ودرب الحــق يشفق من ســـهام الكيد ضدي
ءأمضــي في درب قاحل مليء بالعقبـــات لصــدي
وتجوب في نفسي المســـائل والهمــوم تحط عنــدي
هل يخفق الحــق المجنح بين ســــاحات التمــدّي ؟!
هل يشـــرق النور الذي مـلأ الدنــا يوما ليهـــدي ؟!
أنا لست أدري . . رب يأسٍ مجرم يســعى لصــدي
وحــدي انـا . . والجاهلية تبتــغي تفتيـــت رشـــدي
يمضي قطيع البله في التيــــه الرهيب الى التــردي
ونصـائح الشيــطان تجذبهــم الى ضعــــف ونكـــد
وآهٍ . . أبعــد ســـباتهم يســتيقظــون بقـــدح زنــدي
ام ينثني الطاغوت في هذا الخضم ببعض جهدي ؟!
انا لست أدري . . . رب يأسٍ مجرم يسـعى لصدي
لا لا . . . فجيش الحــق ماضٍ يحتويني في أشــدي
وتقول لي . . لـك يا فتــى يوم المعــاد جنــان خلــد
إني أراهـــا الآن تغــدو بالدجـــى لأذل لحـد . . . .
حتـى تموت شرائــــع الأجلاف في غيــظ وكمـد . .
ويســيـر كل النــاس للفرقــان في حـــــب ورشــــد
فلتخـــفق في الخافقـــين رســــالة الاســــلام بعــدي
أي كلام بعد هذا الكلام ياأخي . . . والله إنها لفاجعة كبيرة ولكن الذي يخفف من هولها وعظمها هو أنك شهيد من الشهداء ، ويقيننا بأن الجنة الواسعة ستكون مأواك مع خير الرسل سيدنا محمد وصحبه والأنبياء والشهداء ومع شاعرك الغالي على قلبك الذي قال :
أخي إن نمت نلق أحبابنا... وجنات ربي أعدت لنا
وأطيارها رفرفت حولنا... فطوبى لنا في ديار الخلود
طوبى لك يا أخي وحسن مآب ، والى الخلود في قلوبنا وفي أرواحنا وفي جنان الله الواسعة إن شاء الله لن تموت يا أبا القعقاع . . صحيح أن جسدك الطاهر فارق الدنيا ورحل عنا ، ولكن روحك الزكية التي تحمل كل معاني الإباء والإيمان والعمل وسوف تبقى خالدة في قلوبنا خلود هذه المعاني في كل زمان ومكان ، إن الدموع السخية التي ذرفناها عليك ستكتب اسمك في أفئدتنا وسترسم صورتك في قلوبنا وستخلد ذكراك في أرواحنا .
وختاما أخي الحبيب نسأل الله الكريم أن يكرم مثواك وأن يرحمك رحمة واسعة وأن يجعلك في أعالي الجنان من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ونسأله تعالى أن يكرمنا بأن نسير على طريقك طريق الشهداء والأتقياء والعاملين.
فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل نصبر ونحتسب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أخي أبو القعقاع :
إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على فراقك يا أبا القعقاع لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
أخي الغالي : ما كان يدور في خلدي ولم يخطر على بالي في يوم من الأيام ، أنني سأمسك بقلمي الراعش لأخط كليمات في نعيك وأتحدث عنك لأرثيك . . ولكن القدر والقضاء إذا نزل فما للقلوب المفجوعة الثكلى إلا التسليم المطلق والرضا الكامل بما يقدر الله ويفعل ، ولكن . . أي بيان مهما عظم قادر على أن يوفيك حقك أيها المجاهد الشهيد ، وأي كلام وأي قلم يقوى على أن ينطق بما يعتمل في الصدور ويختلج في القلوب ، وشهد الله أن الخبر المحموم الفاجع حينما قرع آذاننا كادت قلوبنا أن تنفلق وأفئدتنا أن تتمزق وكأن صاعقة نزلت علينا من السماء ، وكاد صوابنا ان يطير من هول الصدمة وكبر الكارثة وفداحة الفاجعة . . لولا تمسكنا بحبل الله المتين واستعصامنا بإيماننا .
وفجأة تقفز إلى أذهاننا أن الصهيونية الآثمة وأمريكا بصليبيتها الحاقدة لم يقر لهما قرار إلا إذا ذاق أبو القعقاع وأحبابه ومن هم على طريقه . . الموت الزؤام ، لأنه لم يكن شوكة في عيونهما فحسب ، وإنما كان سهما مدميا في قلوبهما .
أخي الحبيب د. محمود : لا أدري عن أي شيء أتحدث من حياتك ، أنت الشاب الذي يحمل بين جنبيه نفسا جبارة وروحا عالية لا تعرف الا معاني الجد حتى في أوقات الراحة . . . لا يزال دعاؤك الخالد الذي كنت دائما تردده صادقا ، يرن في أذني وفي آذان الزمان ( اللهم ارزقنا شهادة تراق فيها الدماء وتمزق فيها الأشلاء . . اللهم ارزقنا الشهادة في سبيل دينك وإعلاء كلمتك ) وها هو دعائك قد استجاب وسؤالك قد تحقق وها أنت في سلسلة الشهداء الأبرار الخالدين .... وتلك القصيدة التي كنت ترددها دائما ( أطلق رصاصك إنني لن أركعَ ... وأرق دمائي إنني لن أخضع . . سأظل في ساح النضال مجاهدا . . أبغي الشهادة واهبا متطوعا . . ) لكأنك كنت تشعر أنه بهذه الطريقة سيختم لك بالشهادة . . . . . و كنت تدعو الله ، وتقول : ( اللهم . . . إما رصاصة من يد محتل وإما رصاصة من يد غادرٍ تخترق هذا الصدر . . . شهادة في سبيلك . . . . )
أخي الغالي أبو القعقاع : لم تبق عين من العيون المؤمنة إلا أسبلت عليك الدموع قائلة :
تبكيك يا فلذة الأكباد أعيننا دما يسيل على الخالدين مدرارا
خلفت بعدك أكبادا مقرحة تبقـى على الحزن آمادا و آدهارا
ولم يبقى قلب ينبض بذكر الله إلا وذاق لوعة الحرقة واكتوى بنار المصيبة ، لم يبقى ثغر إلا وانطلق يلهج بذكرك الطيب ويتحدث عن خلالك الكريمة ويروي أخبارك العذبة حتى أولئك الذين يخالفونك في الرأي والفكر ، لم يبق مجلس من مجالس الخير إلا ونعاك وحزن عليك بحرقة و آسى . .
لقد بكيناك يا أخي . . بكينا فيك الإخلاص والصدق والكرم والوفاء والإيمان والتقوى والورع و العمل الدائب والتفكير الواعي والشجاعة في الحق . . . . . . إن كل هذه المعاني التي يكاد الإنسان المسلم في هذا الزمان ، يكون أحوج إليها من الطعام والماء . . بكيناها فيك ويحق لنا أن نقول فيك :
بموتك قد فقدنا اليوم عزا... وكنزا لا يحدد بالحساب
فقدنا اليوم شمسا قد أضاءت.. وعلما فيضه غر السحاب
وفهما ثاقبا ومدى بعيدا... ولبا دونه لب اللباب
وصدرا واسعا وتقى وفضلا... وعقلا دونه ثقل الهضاب
لقد خسرت بك الأشبال ليثا.... منيعا ساحه في كل غاب
لقد خسرت بك الأحلام طودا.. تطأطئ تحته شم الروابي
أخي المجاهد : لم تكن أول شهيد أريق دمه في سبيل الله . . فقافلة الشهداء لا تزال تجود بالأرواح ، والأنفس رخيصة في سبيل الله ، وإننا نعاهدك يا أخي . . نعاهد روحك الطيبة الطاهرة . . . أننا على دربك سائرون وبنهجك عاملون ، فلتقر عينك في جنان النعيم ، ولتعلم أن دماءك الزكية التي أريقت غدرا هناك . . ستبقى تشع لنا نورا ولدربنا الطويل فتكسبنا مزيدا من الثبات على الطريق . .
وهذه الأبيات الصادقة التي كنت ترددها وتشدو بها . . كلما سمعتها ظننت أنك كنت تتكلم عن نفسك . . . وتصف ما يدور في خاطرك . . . وها هي الآن تعبر عنك وعن كل من سار في درب الحق منذ أن بدأت مسيرة الدعوة الى الله . .
وتقول لي إن الحياة لغاية أسمى من التصفيق للطغيان *
أنفاسك الحرة وان هي أخمدت ستظل تغمر أفقهم بدخان
وقروم جسمك وهو تحت سياطهم قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الرباني
إن احتدام النار في جوف الثرى أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا أقوى من الجبروت والطغيان
أنا لست أدري هل ستذكر قصتي أم سوف يعدوها رحى النسيان
أو أنني سأكون في تاريخنا متآمرا أم هادم الأوثان
كل الذي أدريه أن تجرعي كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا غير الضياء لا متى لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطُت أحمل عزتي يغلى دم الأحرار في شرياني
.
.
.
لكن إذا انتصر الضياء ومُزقت بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي من كان في بلدي حليف هوان
والى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان
أخي : لقد كنت معلما تهدي السائرين في دروب الحياة . . لقد كنت الظلال الدافئة التي يرتاح إليها أحبابك . . لقد كنت نبراسا يضيء الطرق للغافلين ، لقد كنت مجاهدا بحق يرفع شعار الإيمان في ديار الضلال ولواء النور في بلاد الظلام . . . ولئن حاولت النفوس المظلمة والأرواح الحاقدة المنتنة أن تقضي على هذه المعالم وأن تطفئ هذا النور وتنشر الإشاعات الكاذبة وتتشمت بموتك . . خسئت وخابت لأن هذه الشعلة من النور تستمد نورها من نور رب الكون و ستبقى حيا بدعوتك وقضيتك التي كنت تنافح من أجلها وستبقى القافلة على الدرب تسير والكلاب تنبح بحقد دفين . . و إن يتهمك البعض بما يهوى ، ويطلق عليك الحكم الذي يريد ، تلك قضية تحمل بذور هدمها ، وشاهد صدق على ما أنت عليه . . هو الحق .. إنهم قرناء الشيطان . . . يعز عليهم أن ينتصر الحق ، وتعلوا رايته شامخة فوق الرايات التافهة . . فأخذوا يكيلون الاتهامات وهم يعلمون علم اليقين أنهم كاذبون .
إن أيديهم القذرة ، و نفوسهم الضعيفة التي حاولت طمس معالم الدعوة عن طريق الإساءة إلى الداعية الأول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم موجودة في كل زمان ومكان . . وكمااتهموه بأنه ساحر ومجنون وكاذب . . فإنه ما إن يظهر في الأمة داعية نشيط في مكان ما حتى يجتمع هؤلاء يفكرون ويقدرون ويبررون لأنفسهم بما يتهمون .
ولا يلبثوا أن يلفّقوا قضية ما ، ويتفننوا في إخراجها ، ويتناولها بعد ذلك الشياطين بالترويج والإشاعة . .
إلى هؤلاء المهازل نقول : موتوا بغيظكم . . فلن ينفعكم مكركم إلا كما نفع أبا جهل . . فما أغنى عنه ماله وما كسب . . .
وإن الله متم نور ولو كره الكافرون والمجرمون والظالمون . .
يا صاحب القلب الكبير ويا صاحب العقل المنير أيها البطل الصادق المخلص من ضمن طائفة المخلصين . . الذين يتحسسون قضايا أمتهم ومصيرها صباح مساء وكنت واحدا من تلك الثلة المؤمنة . .
لا أدري مرة ثانية عن أي شيء أتحدث وماذا أقول إن القلم عاجز وإن البيان قاصر عن الوفاء بحقك .
لقد غادرت يا أخي هذه الدنيا الفانية الزائلة التي لا يتعلق بها إلا ذوو النفوس الصغيرة المهزومة ، وكنت فوقها وفوق نعيمها الزائل وزخارفها الفانية ، وكم كنا نتمنى أن تلقن أولئك الناس الذين أعمتهم المادة و ارتكسوا في حمأتها في هذا المجتمع المادي المسعور أن السعادة ليست في جمع المال ولا في الانكباب على الدنيا والتعلق بها ولكن السعادة في التقوى الحقيقية والاستعلاء على زخارف الدنيا كما يقول الشاعر :
ولست أرى السعادة جمع..... مال ولكن التقي هو السعيد
لقد رحلت يا أخي عن هذه الدنيا وأنت مرفوع الرأس عالي الجبين لم تطأطئ راسك إلا للواحد القهار ولم تحن جبهتك إلا للعزيز الغفار ، لم تعرف الخوف أبداً . . لقد مت موت الفرسان الشجعان الأشاوس الذين لم يعرفوا معاني الذلة والهوان والصغار ، التي يرزح الناس تحت وطأتها ، والذين تخرجوا من مدرسة البطولة والفروسية . . مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبحق لقد تخرجت من مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أذكرتني حياتك وبَذلِكَ الغير محدود بالجيل الأول الذي تربى في مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لقد كنت شعلة من الإيمان الراسخ ونبراسا من التقوى الصادقة وطاقة هائلة من الحركة والعمل ومثلا أعلى في حب الآخرين ونكران الذات .
كان دائما لسان حاله يقول : وأحسب في حياتي كلها أن الله كان معي مع كثرة الذين يرومون بي السوء ، وما خيب الله لي أملا ولا رجاء ، وكنت أُضطهدُ في العهود السابقة ، فكلما اشتد الكرب علي جاءني الفرج من حيث لا أحتسب . .
آه . . وتســري في دموعي في دمي اســــياف آلام
أمضي ودرب الحــق يشفق من ســـهام الكيد ضدي
ءأمضــي في درب قاحل مليء بالعقبـــات لصــدي
وتجوب في نفسي المســـائل والهمــوم تحط عنــدي
هل يخفق الحــق المجنح بين ســــاحات التمــدّي ؟!
هل يشـــرق النور الذي مـلأ الدنــا يوما ليهـــدي ؟!
أنا لست أدري . . رب يأسٍ مجرم يســعى لصــدي
وحــدي انـا . . والجاهلية تبتــغي تفتيـــت رشـــدي
يمضي قطيع البله في التيــــه الرهيب الى التــردي
ونصـائح الشيــطان تجذبهــم الى ضعــــف ونكـــد
وآهٍ . . أبعــد ســـباتهم يســتيقظــون بقـــدح زنــدي
ام ينثني الطاغوت في هذا الخضم ببعض جهدي ؟!
انا لست أدري . . . رب يأسٍ مجرم يسـعى لصدي
لا لا . . . فجيش الحــق ماضٍ يحتويني في أشــدي
وتقول لي . . لـك يا فتــى يوم المعــاد جنــان خلــد
إني أراهـــا الآن تغــدو بالدجـــى لأذل لحـد . . . .
حتـى تموت شرائــــع الأجلاف في غيــظ وكمـد . .
ويســيـر كل النــاس للفرقــان في حـــــب ورشــــد
فلتخـــفق في الخافقـــين رســــالة الاســــلام بعــدي
أي كلام بعد هذا الكلام ياأخي . . . والله إنها لفاجعة كبيرة ولكن الذي يخفف من هولها وعظمها هو أنك شهيد من الشهداء ، ويقيننا بأن الجنة الواسعة ستكون مأواك مع خير الرسل سيدنا محمد وصحبه والأنبياء والشهداء ومع شاعرك الغالي على قلبك الذي قال :
أخي إن نمت نلق أحبابنا... وجنات ربي أعدت لنا
وأطيارها رفرفت حولنا... فطوبى لنا في ديار الخلود
طوبى لك يا أخي وحسن مآب ، والى الخلود في قلوبنا وفي أرواحنا وفي جنان الله الواسعة إن شاء الله لن تموت يا أبا القعقاع . . صحيح أن جسدك الطاهر فارق الدنيا ورحل عنا ، ولكن روحك الزكية التي تحمل كل معاني الإباء والإيمان والعمل وسوف تبقى خالدة في قلوبنا خلود هذه المعاني في كل زمان ومكان ، إن الدموع السخية التي ذرفناها عليك ستكتب اسمك في أفئدتنا وسترسم صورتك في قلوبنا وستخلد ذكراك في أرواحنا .
وختاما أخي الحبيب نسأل الله الكريم أن يكرم مثواك وأن يرحمك رحمة واسعة وأن يجعلك في أعالي الجنان من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ونسأله تعالى أن يكرمنا بأن نسير على طريقك طريق الشهداء والأتقياء والعاملين.
فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل نصبر ونحتسب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- GRAY_EYESعاشق ذهبي
عدد الرسائل : 464
تاريخ التسجيل : 02/11/2007
رد: لـــفــحــات أشـــجــان ونــفــحــات أحــزان
الأربعاء نوفمبر 07, 2007 10:15 am
فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل نصبر ونحتسب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
مشكور الحر الادبي ع الموضوع
رد: لـــفــحــات أشـــجــان ونــفــحــات أحــزان
الأربعاء نوفمبر 07, 2007 10:10 pm
يا عيوني يا حبي يا قلبي الحر الابي الابي الابي
مشكورة لمرورك يا قلبي
حسبي الله من وين بتجيبي الدال
مشكورة لمرورك يا قلبي
حسبي الله من وين بتجيبي الدال
- صمت الإحساسlodeعاشق ذهبي
عدد الرسائل : 1265
تاريخ التسجيل : 08/11/2007
رد: لـــفــحــات أشـــجــان ونــفــحــات أحــزان
الأربعاء فبراير 13, 2008 1:47 pm
إني أعزيك لا أني على طمع....من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه....ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
أما مشان حرف الدال الله أعلم منين
بس بتعرف بجوز مني
فما المعزى بباق بعد صاحبه....ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
أما مشان حرف الدال الله أعلم منين
بس بتعرف بجوز مني
رد: لـــفــحــات أشـــجــان ونــفــحــات أحــزان
الأربعاء فبراير 13, 2008 9:57 pm
اذا منك اهلا وسهلا فيه والله
مشكورة على مرورك يا غالي
مشكورة على مرورك يا غالي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى